أزمة الثقافة والمثقفون ...

أخي الغالي سليمان
إن الأمية شيئ كبير له أسباب كثيرة
فمنذ زمن ليس بالبعيد كانت الأمية منتشرة بكثرة أما مع التوسع بمفهوم العلم والتعليم وبعد الجلاء الكريم الذي حررنا من مستعمرينا الذين كان على عاتقهم إغماض عيوننا لنبقى جاهلين فتسهل سيطرتهم علينا بدأت نسبة الأميين (أمية علمية ) تتناقص بشكل كبير
الآن قد تكون نسبة الأميين (أمية إلكترونية) -كما سميتَها- كبيرة بعض الشيء فأنت تعلم أن وسائل الاتصالات الحديثة (وأضخمها شبكة الإنترنت) لا تصل إلى الجميع نسبيا ولكن إذا أردنا القياس بين الأعداد من الذين تصلهم هذه الوسائل فسنجد أن الغالبية لا يستخدمونها بأغراض التواصل الثقافي وخاصة أن معظم هؤلاء هم من المراهقين والذين يبحثون عن أشياء مازالوا غافلين عن مخاطرها
وأنا على يقين تام أن هذه النسبة من الأميين العصريين ستنخفض في المستقبل القريب
أتيت بيقيني من منطلق أن:
الفترة منذ بدأ يتسع استخدام الإنترنت وحتى الآن قصيرة جدا بمقارنتها بفترة الاحتلال التي أبقت الجهل في مجتمعنا،
على ما أظن أن استخدام الإنترنت في مجتمعا بدأ يشيع منذ عام 2001وبلغ نسبة كبيرة مع بدء سهولة الحصول على أجهزة الحاسوب وتوفرها لكافة الطبقات الفقيرة منها والغنية (كما نعلم أن امتلاك الحاسوب كان حكرا على الأغنياء نظرا لغلاء سعره ومنذ زمن ليس بالبعيد صار يتوفر للجميع)
إذا أخذنا هذا الوقت القصير (2001-2011) سنجد أن الشباب الذي تحرر من الأمية الإلكترونية مازال في أحضان أسرته ولم يتزوج بعد فبالتقدم بالسنين سنجد أن هذا الشباب سيصبح أبا لجيل جديد ويربيه حسب معتقدات جديدة غالبيتها من ثقافته الشخصية والتي حصل عليها خلال حياته الشابة
إذن سيعرف أبناؤنا أن هذه الوسائل للاتصال -كما كان آباؤهم - تنشر الثقافة بيسر وسهولة وسيعرف بالعملية التربوية سيئاتها من حسناتها
وسنقبل على جيل جديد خال من الأمية الإلكترونية لأنه ولد ووسائل الاتصال هذه من الأشياء التي في متناول يده بسهولة
فقط نحتاج بعض الوقت حتى تتم هذه العملية الطبيعية
هكذا سجية الحياة كل شيء في وقته جميل ورائع
أشكرك جزيل الشكر على هذه الروح التي نتواصل من خلالها ونتبادل الأفكار والثقافة
وعذرا على الإطالة أخي الغالي سليمان

يعني اهمال العصر، ووسائله، وعدم القدرة على التعامل معها حضاريا، ما يدل على تدني كبير، في قدرات المثقف، على التعامل مع وقائع العصر، وسرعته المدهشة في عموم الانشطة والجوانب، الفكرية والعملية، فهل يؤثر مثل هذا الخلل على صنع الثقافة القادرة على دفع الجماعة الى امام، بما يتسق مع مظاهر العالم المعاصر، الذي ينحو الى السرعة، وازدهار الفكر، وتناميه وتطوره في عموم مجالات الحياة؟، وهل هناك أزمة ثقافة، نعيشها اليوم بسبب تقاعس المثقفين او بسبب أولئك الذين يدّعون الانتماء للثقافة ولا يقدمون الاستحقاق المقابل او المطلوب لهذا الانتماء؟...
لو اردنا الانصاف في هذا الصدد، فلابد أن نعترف بأننا لا زلنا ننتمي الى الشعوب ذوات الثقافات القاصرة، وذلك لسبب بسيط، هو عدم قدرة ثقافتنا ومثقفينا على التأثير أفقيا في المجتمع، وتحويل الفكر والسلوك الشعبي، ونقله الى خانة التحضّر والتمدّن، ولو أردنا التقصّي والانصاف في هذا المجال، فإننا يمكن أن نضع نسبة قليلة لما تقوم به الثقافة في مجال تمدين المجتمع ونقله الى واقع العالم المعاصر، ليس من حيث المظهر الخارجي (الملبس وتصفيف الشعر والمكياج وما شابه) وإنما دور الثقافة في تطوير الفكر والسلوك ونقلهما الى خانة التحضّر.



اخي أنس أستمتع بفتح نقاش هام بيننا
أشكرك أخي لحضورك وإرائك المتجدد الراقي

خفوت الابداع وتراجعه وهو ما يفسر حالة العسر في ظهور مبدعين جدد و سيطرة ظاهرة الادعاء الثقافي، ونمو الشكل على حساب الجوهر، وعلو صوت المدّعي حتى صار يفوق بنبرته صوت المثقف الأصيل.


أرق التحيات وأطيب الأمنيات لك ِ صديقتي ناني لحضورك وأضافتك القيمة