الأمومة يمكن أن تنتظر ؟

ثمة نساء لا يتربع حلم الأمومة عندهن على عرش الأحلام ولا يتقدم مسلسل الأمنيات ففي الحياة أمور أخرى ( كما يعتقدن )
وللأمومة مسؤوليات لا يحبذن الالتزام بها باكراً مادام أمامهن متسع من الوقت فهل هناك ضمانة لأن تأتي الأمومة في مابعد على طبق من فضة وبكبسة زر؟

لو راح من عمري مابقي ليي منه وعشت الأمومة ليوم واحد لما ترددت في قبول هذا العرض الذي عساه ينقذني من مرارة الذنب الذي اقترفته حين أجّلت حملي لأجل الكرسي السخيف الذي أجلس عليه
هذا الكلام ليس مقتبساً من قصة إنما تجاهر به إحدى اللواتي يتمتعن بمنصب كبير كلّفها تأجيل أمومتها حين يحل الظلام لا يبقى في بيت تلك المرأة ركن مضاء إلا غرفة الأطفال المملوءة بالألعاب
حيث لا يمرُّ يوم تقريباً إلا وتهدي طفلها الذي لن يرى النور دمية أو دراجة, كأن لهذه "الأم المؤجلة"
موعداً متوقعاً مع سعادة زائفة .

إنها نوال التي شطر الطبيب حلمهاإلى نصفين تفتح الصفحة الأولى من قصتها التي بدأت مع أول حبة لمنع الحمل تقول :" اشتريت الدواء باتفاق مع زوجي الذي رافقته إلى روسيا لاكمال دراستنا"
ويبدو أن تأجيل الحمل كان يبدو ضرورياً للعروسين :" البيت صغيراً والماديات بالكاد تكفي لشخصين "
ست سنوات مرت ونوال لم تنسَ حبة منع الحمل اليومية وهي تقول في هذا السياق:" كنت أشعر بحنين إلى طفل يملأ وحشة الغربة لكن مستقبلنا كان أهم وتأسيس حياتنا في مقدمة حساباتنا"

عادت نوال إلى دمشق بعدما حصلت على شهادة دكتوراه في طب العيون "وكان لنا العيادة التي أردناها والبيت الذي حلمنا به ليأتي دور الطفل الذي لم يبقَ لنا إلا انجابه"كما تقول.
تضيف:" شهر شهران , سنة سنتان والطفل لم يأتِ" لافتة إلى" أننا في البداية علقنا الأمر باعتباره مسألة وقت لكن تأخري في الحمل ساقني إلى طبيب نساء لأقف على حالتي بالتفصيل"

منذ ذلك الوقت دخلت نوال البالغة من العمر34 عاماً مع زوجها دوامة الفحوص والتحاليل التي تقول إنها" أكدت وجود ضعف شديد في الاباضة ناتج عن وسيلة المنع التي اتبعتها لتأجيل الحمل "
لكن هاهي دموع نوال تتحجر وآهات الوجع تسكت في حلقها وهي تتلقى خبر وفاة أمومتها حيث تعيش الصدمة بحذافير الندم وتفاصيل القهر الذي دفعها عشرات المرات إلى ضرب نفسها بكل ما تطاله يداها.

"هل أنا حقاً التي قتلت طفلي؟"

هكذا كانت تردد صباحاً ومساءً حتى انقطعت لأكثر من عامين عن عيادتها التي حملتها ذنب ماحدث

" فشهادة الدكتوراه لا تساوي في نظري اليوم "حبة رمل"