إلى كل من يحب ..مقتطفات من طوق الحمامة (1)

ترك ابن حزم الأندلسي لنا مؤلفات تبلغ أربع مئة مجلد من أهمها : في الملل والبخل ، وجمهرة أنساب العرب ، والرائعة التي نجدها هنا طوق الحمامة في الإلفة والآلاف ، التي تضم أبواباً هامة في ألوان الحياة المختلفة تناولها بشكل أدبي وبلاغة عربية أصيلة ومنبع علمي صارم حتى عندما تناول الحب والصداقة ، مستشهداً و مستنيراً بآراء من سبقه وعاصره من علماء وفقهاء العرب والمسلمين .

يرى المؤلف ان (افضل اهل الهوى اشدهم حبا لصاحبه) ونقل ان حكيما سأل تلاميذه قائلا: لقد نلتم من الحكمة والادب (الشيء الكثير) فهل فيكم من عشق؟ قالوا ?لا? ! قال: اعشقوا فإن العشق يطلق لسان العي، ويفتح قلب الغبي، ويحث على افخر المكاسب والمطالب ويدعو الى مصافاة الكرام، واياكم ومباشرة الحرام.
--------------------

رسالة حب: تضمن الباب عشرة نماذج طريفة من رسائل العشاق منها على سبيل المثال: بلغني ان رجلا من الفضلاء عشق جارية ذات بلاغة وفصاحة وبراعة ويراعه، وكان لا يجد اليها سبيلا الا بالمراسلة والمكاتبة فكتب اليها يوما: كتبت، اطال الله بقاء مالك قيادي، وسالب مهجتي ورقادي ولي ضلوع يتوقد سعيرها ويرتمي كالشرر زفيرها، ودموع يتوالى عهادها، نسيان منها غورها وانجادها، من حنين كحنين الروض الى صيب الغمام والندامى الى مباكرة حاطاة المدام، ولي طرف موكل برعي الكواكب ولسان مطارح للحائم النوادب.. فإن (حاول) مولاي وسيدي تعويض عبده عن لقائه صحيفة من نثره وشعره يردها وارد الشفاء، على غلل الاحشاء احرز قصب الشكر وفاز بقدح الاجر.
فكتبت اليه: لولا تعلة الحجاب ومراقبة الحجّاب لطرقت اليك الخيال، وركبت اليك مراكب الاهوال وعصيت فيك العذول والرقباء، واطعت فيك الغرام والرجاء، فاما ما بثثت من الشكوى واعلنت به من البلوى، فعندي منه ما ينفد فيه الاقلام ويستغرق مجامع الكلام ولم لا وانت شقيق نفسي وحيد انسي، فوحق من رفع الخضراء وبسط الغبراء لقد احلك الله من قلبي.. محل الروح من جسد الجبان والمال من يد كل بخيل البنان.
فصبرا فإن الصبر عقباه تحمد فإن بالامس يأتي به الغد وكم سر صرف الدهر من متجمع وجمع شملا كان وهو مبدد عليك سلام الله ما اهتز مورق وما ردد الشجو الحمام المغرد
--------
مقاطع مختارة

في الحب كم بخيل جاد ،وقطوب تطلق،وجبان تشجع،وغليظ الطبع تظرف،وجاهل تأدب،وتفلٍ (نتن)تزين ،وفقيرٍ تجمل،وذي سن تفتى،وناسك فتك،ومصون تهتك
وللحب علامات يفوقها الفطن،ويهتدي إليها الذكي،فأولها :إدمان النظر،والعين باب النفس الشارع،وهي المنقبة عن سرائرها،والمعبرة لضمائرها والمٌعربة عن بواطنها.فترى الناظر لا يطرف،ينتقل بتنقل المحبوب،وينزوي بانزوائه،ويميل حيث مال،كالحرباء مع الشمس
ص 28، 29 -الباب الثاني ..علامات الحب


ومن غريب أصول العشق أن تقع المحبة بالوصف دون المعاينة،ولهذا أمر يترقى منه إلى جميع الحب،فتكون المراسلة،والمكاتبةٌ،والهمّ،والوجدٌ،والسهرٌ،على غير الإبصار،فإن للحكايات،ونعت المحاسن،ووصف الأخبار،تاثيراً في النفس ظاهراً،وأن تسمع نغمتها من وراء جدار،فيكون سبباً للحب واشتغال البال
ص39 -الباب الرابع..من أحب بالوصف
:eek:
ومن الناس من لا تصح محبتهٌ إلا بعد طول المحادثة،وكثير الٌمشاهدة،ومتمادى الأنس،وهذا الذي يٌوشك أن يدوم ويثبت،ولا يحيك فيه مرٌّ الليالي،فما دخل عسيرا لم يخرج يسيراً.
ص 45،الباب السادس ..من لا يحب إلا مع المطاولة

ومن بعض صفات الحب،الكتمان باللسان،وجحودٌ المٌحب إن سئل،والتصنع بإظهار الصبر،وأن يرى أنه عزهاة(عازف عن النساء)خلي.ويأبى السرٌ الدقيقٌ،ونار الكلف المتأججة في الضلوع،إلا ظهوراً في الحركات،والعين،ودبيبا كدبيب النار في الفحم،والماء في يبس المدر(التراب المتبلد) .وقد يمكن التمويهٌ في أول الأمر ،على غير ذي الحسن اللطيف،وأما بعد استحكامه فمحال .
وربما يكون السببٌ في الكتمان تصاون(توقي)المحب عنه أن يسم نفسه بهده السمة،عند الناس،لأنه بزعمه من صفات أهل البطالة،فيفر منه،ويتفادى،وما هذا الوجه بصحيح،فبحسب المرء المسلم أن يعف عن محارم الله عز وجل،التي يأتيها بأختياره،ويحاسب عليها يوم القيامة،وأما استحسان الحسن،وتمكن الحب،فطبع لا يؤمر به،ولا ينهى عنه ،إذا القلةب بيد مقلبها،ولا يلزمها غير المعرفة والنظر في فرق ما بين الخطأ والصواب،وأن يعتقد الصحيح باليقين وأما المحبة فخلقه،وإنما يملك الإنسان حركات جوارحه المكتسبة.
وربما كان من أسباب الكتمان الحياء الغالب على الإنسان،وربما كان من أسباب الكتمان أن يرى المحب من محبوبه انحرافاً،وصدأ،ويكون ذا نفس أبيةٍ،فيستتر بما يجد لما يجد ،لئلا يشمت به عدو،أو ليريهم،ومن يحب هوان ذلك عليه
ص62،65 الباب الثاني عشر ..طي السر

صديقتي شمس الوداع :

أشكرك على هذه المعلومات وهذه القصصص التي حازات على الكثير من الاعجاب
جميلة ما تقدمينه صديقتي
تحياتي لك ِ

شمس الوداع

يا رائعة بكل مقاييس الحياة

سلمت يداكي

استمتعت حقآآ بقرأة تلك القصص الرائعة
تحياتي شمس المنتدى