انتظار:

ألطيور تملأ صدورها با لهواء أستعدادا لأول طيران لها عند ألفجر...
ألبحر يعانق ألصخور ألمتلاصقة بهدوء .. و يبشر بنهار هانئ سعيد.. ألشاطئ يستقبل الأمواج على انغام ألنوارس , و في كل موجة يسجل مولد اغنية جديدة للزمن ألقادم..
الفجر..زهذا المارد ألسطوري .. باتت تعشقه و تأنس له منذ أن غادرها حبيبها...
تسير على ألشاطئ .. ترى اثار خطوات بقربها ,تتلفت لا ترى أحدا..
مهما أبتعدت عنك .. ستبقى روحي معك..
لكنني احتاج ألى وقوفك معي..
سأكون بقربك دائما , و خطواتي ستلازم خطواتك اينما ذهبت..
تتعثر , تنهمر دموعها تنظر بقربها ,لا ترى اثار للخطوات المجاورة.. تغص ..كيف لها ان تشعر بهو بصماته... تفقد بريقها في مطلع كل فجر ...
في ألفجر الأول بكت طويلا .. و في الفجر ألثاني تحطمت تنهيداتها مع المواج المتكسرة فوق الصخور,و في ألفجر الثالث أختلطت جميع الصخور في مخيلتها ,و حين اشرقت ألشمس تلاشت في اول صحوة لها ,
ألفجر...
هذا ألعاشق ألنبيل سكن قلبها ,فوجدت نفسها واحة في حقولها .. باحت له بكل شئ و أباحت جسدها لبهائه ألفضي ألذي مسح بلونه جميع ألبصمات ألتي خلفها حبيبها الول...
تسير .. ألرمل يحنو تحت قدميها , فتحس بامان مفرط يملأ قلبها الحزين...يذكرها بأبيها .. انه ألوحيد ألذي كان يشعرها بانسانيتها و يحمل همومها بينما كانت امها منشغلة عنها بهموم الصالونات و اخر صرعات الأزياء ألموسمية .... لكنه مات.. مات و معه سر صراعه الدائم مع زوجته , و حين حاولت امها ان تكشف ودادها فشلت في اول خطوة لها ,و بعد ايام لاحظت ان علاقة ما , تربط والدتها بصديق ابيها فهجرتها , و راحت تحلق مع طيور النورس في عالم بعيد نحو الريف .
يهب نسيم لطيف يداعب شعرها السود و بين قدميها راحت جثث الأعشاب ألبحرية ألقادمة مع ألمواج تدغدغ مسامها فيرتعش جسدها كأرتعاش سمكة و ضعت خطا في بحيرة جليدية .. تتابع سيرها , لا تدري كم من الوقت انقضى و هي تسير... يتناهى ألى مسامها صوت لم تالفه من قبل .. تلتفت, ترى رجلا شبحا كالذي حدثتها عنه جدتها في الأساطير ..
ترتعد.. يفترب منها , تتراجع و تصرخ بخوف .
من انت ؟
ألم تعرفيني ايتها الشابة؟
لا..
لكنني اعرفك , ألست ابنة الستاذ فاروق معلم ألمدرسة.؟
نعم.. لكنني لا اعرفك.
أليست امك التي احبت صديق زوجها؟
لا تقل عن والدتي .
لكنك منذ قليل كنت تعرترفي بذلك .
تجيبه بذهول: من انت؟
ساخبرك عن شئ يهمك.
ما هو؟
و ما ذا تعرف عني ايضا؟
لقد مات أبوك مقتولا..
مقتولا؟
نعم, و امك هي ألتي قتلته ..
كيف حصل ذلك؟
كانت تضع له سما في ألطعام على مدة ثلاثة اشهرألى أن هزل جسمه و مات .
غير صحيح .. لقد قال الطبيب : بانه مات مسلولا , كلامك ليس صحيحا.
وقعت ارضا.. بكت تذكرت قول أبيها:
يا أبنتي , اني احس بشئ غريب يسلب قواي شيئ فشيا.
رفعت راسها بأتجاه ألرجل ألشبح فلم تجد شئ.. ترتعد من جديد.. تبكي .. تحس بنفس ألشئ ألذي احس به والدها . تنهار تستيقظ.. ترى نفسها ممددة ... أمام الطبيب .. لا تتذكر شئ
يخاطبها ألطبيب: هذا يكفي اليوم يبدو عليك الرهاق.
تنهض .. تلملم نفسها .. تخرج من العيادة مهزولة ... يقودها أليل ألى منزل أمها .. و حين فتحت امها ألباب صرخت بها: انت من قتله ,
لا يا اينتي ... أنت تظلمينني .
ترمفها بنظراها ألمفترسة ... لم يبقى ألا ان تنسف ألمنزل بمن فيه لثار لوالدها ألمسكين.
تقول لها بسخط : جئت لأحذرك من الستمرار مع ذلك الص , فما زال يقية من دمك يسري في عروقي و ترغميني عل تردد . للتخلص منك.
تغادر امها ... تتحسس ألرصيف الأسود.. تنغمس في ضمير أليل باحثة كن شئ ما في المنزل ,’ تسقط نظراتها على صورة أبيها ... على فاجعتها السوداء ... تغرق في عتمتها ألقاتلة .
( أبي , أريد ان انام بقربك .. !
تعالي .
تسجرها امها : أذهبي ألى غرفتك.... ان مكانك هناك .
لكنني خائفة .
لماذا تخافين و نحن معك , هيا فمكانك ليس بيننا ) .
(أبي ... يجب ان أذهب غدا مع رفيقاتي ألرحلة .
كما تشائين يا حبيبتي, اذهبي الأن و نامي .
تهمهم امها : لا .. لن تسافري , فغدا موعد زيارتنا ألى بيت خالتك ... ).
و في اليل ’, تسمع مواء أمها ينوص و يقوى على لنغام ألسرير ألحديدي . تستيقظ مذعورة , تمسح عرقها ثم تنام .
في ألصباح انحدرت ألى المدينة لتتابع جوعها لللأنتفم , بدأت تشك بأنتمائها لبني البشر.. تخيل أليها أنها مخلةق غريب سقط سهوا بينهم . أمام الع8يادة ألنفسية تتوقف ... حارس المبنى يضحك مع زميله , كلهم يضحكون بسلام ... أما هي فما زالت موصودة بذلك المارد الفضي ألذي يذكرها بأبيها ... تتدخل ألعيادة, تستلقي على الكرسي من دون أن تتكلم ... ألنور الأبيض على لمكتب بضئ بقوى امام عينيها .... تطلب من الطبيب ان يطفأها تسقط الغرفة في شلرك عتمتها ألقاتلة .
_( المواج تضرب صخور ألشاطئ بقوى ... طيور النورس تتهاوى فوق ألصخور و على ألرمل لا ترى اثرا لخطواتها , تحس بوخز بقدميها ... لقد استحال ألشاطئ ألأى أبر تتدمي فجرها ألفضي .
ألفجر يتحول ألى بحير قرمزية تجرها ألى لقاع ... تسمع صوتها تهذي ترتعش بصوتها .
ألشاطئ يبتلع الأمواج و في كل موجة يغتال حلما من احلامها السوداء ... تنظر الى ألسما, ترى وجها لا تميزه ... يضحك لها بأرتياح ... ما زال صوتها مخفيا ... تسترق ألنظر ألى ألسماء مجددا ترى وجه امها ينصح شوق و لهة يأتيها صوت غامض : انها تحبك وزواجها من صديق أبيها لم يكن خطأ ... ترفع يدها بأتجاه ألسماء.... تتلمس يد والدها .
تستيقظ هادئة و ألعرق ألبارد ينبعث من كامل اعضائها .
يقول لها ألطبيب : هذه اخر زيارى لك في عيادتي .
لا تجيب .
ان حبك للفجر يدل على محبتك لبيك ألذي كان يقبلك كل صباح... و حين اكتشفت بانك ضلمت امك استمالا الفجر الى بركة عذب دامية , أما عن حبيبك المهاجر فهو من نسيج خيالك انه ظل والدك الذي رفضت موته طيلة فترة مرضك.
تترك المقعد ... تشكره ... تغادر العيادة .
المدينة طائر جميل يحملها الى خارج اصقاع ألوجع ... تحس بانها وجه بيضاء ولدت للتو في بحر أكتشف حديثا ... تسلم جسدها للريح .. هذا اليوم لن تواجه احدا تحس بانها موجة بيضاء للتو في بحر اول مرة تشعر بأنها حرة ... تخال بان عمرها عاد الى ألوراء عشر سنوات لقد وعت حقيقة كانت تجهلها و هي أنها كانت تائهة كل هذه المدة و ان ألسنوات العشر الخيرة لم تحسب من عمرها .
غدأ... ستذهب الى امها و تسألها العفة.
غدا... سيكون لها قصة فريدة مع احد ما.
ألحب ... هذا ألطائر ألعجييب سيبدا بطيران, ستجول به اصقاع ألدنيا كلها.

صديقي زين
ما أجمل قلمك الذهبي
الذي تكتب به
رعاك الله