حمل تقرير مديرية الإحصاء في محافظة السويداء الكثير من المؤشرات التي يمكن البناء عليها مستقبلاً، وخصوصاً لجهة الهجرة
الخارجية التي كانت إلى وقت قريب الأعلى على مستوى القطر «حتى إن المحافظة احتفلت في العام الماضي بأنها المحافظة الثانية في
المنطقة الأكثر هجرة»؟. والشيء الجديد في التقرير يناقض الطرح السائد بالهجرة الكثيفة إلى الخارج، وقد بقيت محافظة السويداء
من المحافظات الطاردة للسكان حتى عام 1995 م وبعدها أصبحت من المحافظات الجاذبة بسبب توسع النشاط الزراعي وتزايد
الاستثمارات، وسادت حالة الاستقرار النسبي وأصبح صافي الهجرة إيجابياً.
مجموعة من طلاب السويداء في ال"غراند ليفل"... السويداء سجلت عتي عام 1995 أعلى المعدلات للهجرة في سوريا... واليوم، يسجل الجبل أدنى نسبة نمو سكاني وحجم الاسرة 4,8 أفراد فقطوقد ارتفع عدد السكان المسجلين في سجلات الأحوال المدنية من 202 ألف نسمة عام 1970م إلى 297 ألفاً عام 2000، وإلى
460 ألف نسمة عام 2008م، وارتفع عدد السكان المقيمين فعلياً على الأرض من 138 ألف نسمة عام 1970م إلى 352 ألف
نسمة عام 2008م.
ويعتبر الفرق بين سجلات الأحوال المدنية ونتائج التعداد العام للسكان، دليلاً على الهجرة الكبيرة من المحافظة إلى العالم الخارجي،
وإلى المحافظات الأخرى داخل سورية حتى العام 1995، ومن حيث النمو السكاني فقد انخفض هذا المعدل من 3.29 بالمئة عام
1970م إلى 1.6 بالمئة عام 2008م، وهذا يدل على عوامل كثيرة أدت إلى هذا الانخفاض، ومنها ارتفاع مستوى التعليم، وانخفاض
الخصوبة الكلية للمرأة، ودخول المرأة إلى ميدان العمل الاقتصادي، ويلاحظ أيضاً من خلال معدل النمو أن عدد سكان
المحافظة يتضاعف كل 41 سنة.
ويلاحظ من خلال الهرم السكاني للمحافظة انخفاض الأطفال دون 15 سنة، إلى 29.4 بالمئة وهي الأدنى على مستوى سورية،
ويعود سبب ذلك إلى ارتفاع الوعي في القضايا السكانية وانخفاض في حجم الأسرة إلى 4.8 فقط. وأن نسبة كبار السن هي الأعلى
في سورية والتي وصلت إلى 5.6 بالمئة عام 2008م وهذا بدوره يدل على تحسن الواقع البيئي في جميع مستوياته.
وتعتبر محافظة السويداء من أولى المحافظات التي تخلو من الأمية في الفئة العمرية من سنة حتى 35 سنة، وهذا سببه حصول
تحولات مجتمعية تساعد على دخول المرأة في جميع مستويات التعليم.
ولاحظ التقرير أن معدل ارتفاع المستوى التعليمي للإناث يعادل أربعة أضعاف المستوى التعليمي للذكور، وهذا يشجع على تحفيز
الإناث على الدخول في النشاط الاقتصادي واستغلال هذه الطاقات في عملية التنمية الاقتصادية في هذه المحافظة.
وإن متابعة التعليم للجنسين أدى إلى ارتفاع نسبة العزوبة إلى 44.2 بالمئة للذكور و35.3 بالمئة للإناث وكل ذلك نتيجة متابعة
التعليم العالي والصعوبات الاقتصادية التي تدفع بالشباب للتأخر في سن الزواج وتعتبر الأسرة في محافظة السويداء من أحجام
الأسر الصغيرة على مستوى سورية، والتي تصل إلى 4.8 أفراد في كل أسرة، ويلاحظ أن هناك علاقة بين انخفاض حجم الأسرة
وارتفاع نسب التشغيل، وارتفاع المستوى المعيشي للأسرة، وهناك علاقة بين انخفاض حجم الأسرة وارتفاع مستوى التعليم،
وتعتبر مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي ذات تأثير ايجابي على حجم الأسرة ودخلها، ومن ثم هذا ينعكس على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويعتبر الفقر في محافظة السويداء أكثر عمقاً منه على مستوى الجمهورية حيث نلاحظ ارتفاع فجوة الفقر من 3.64 عام 1997 إلى
4.17 بالمئة عام 2008، وتعتبر شدة الفقر متوسطة حيث لم يتجاوز 1.5 بالمئة. ويعتبر الفقر أكثر انتشاراً في الريف من المدينة،
ويلاحظ أيضاً أن هناك تباينات واسعة ضمن المحافظة من حيث عدالة توزيع الدخل حيث تراوح معامل الجيني بين 0.37 بالمئة
في مركز المحافظة و0.21 في الريف، و0.29 في باقي الحضر وبقي هذا المعامل أدنى من حد الخطورة المحددة عالمياً بحوالي
40 بالمئة، ويلاحظ من تحديد بيانات التفاوت بين الفقراء والأغنياء على مستوى المحافظة أن 10 بالمئة من الأغنياء ينفقون
6.6 بالمئة ضعف عن الفقراء، في حين قد تصل في باقي المحافظات إلى 30 بالمئة ضعف.
وأكد مدير الإحصاء ناجي حذيفة أنه إضافة إلى نقاط القوة من معدل سكاني منخفض، وحجم قوة العمل، ودخول المرأة إلى النشاط
التجاري، وانعدام الأمية وانتشار التعليم بشكل واسع، وارتفاع المستوى الصحي وانخفاض معدل الوفيات، فإن هناك نقاط ضعف
كثيرة منها الهجرة الخارجية والداخلية، وانخفاض عدد الولادات وحجم الأسرة، وحجم العمالة الزراعية، وارتفاع نسبة كبار السن،
والعزوف عن الزواج. أما التحديات فهي أيضاً كثيرة منها: البطالة وأعباؤها وخاصة البطالة الأنثوية، وهجرة السكان من الريف إلى
المدينة وتزايد الفقر